عاشق الحسين
البلد : المشاركات : 20 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 11/01/2010
| موضوع: تأملات في الثورة الحسينية الخميس يناير 21, 2010 8:30 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم تعتبر ثورة الامام الحسين (عليه السلام) ثورة ناجحة بكل المقاييس الشرعية والوضعية ، فالنجاح هو ان يحقق الانسان من خلال فعل يقوم به كل الاهداف التي ينشدها ووضعها نصب عينه ، ولو اردنا تطبيق هذه الحالة على الامام ثورة الامام الحسين (عليه السلام) للاحظنا انها حققت كل الاهداف التي ارادها (عليه السلام) من حركته الاصلاحية . ويكفي ان يكون دليلا على ذلك او شاهدا ـ على اقل تقدير ـ هو ما نلاحظه عند هلول شهر محرم الحرام من كل سنة من تحرك مشاعر الخير والصلاح في نفوس محبي وعشّاق الحسين (عليه السلام) ، والشئ الاهم هو تجدد الحزن والالم على ما حدث في عرصات كربلاء وكأن ما حدث للحسين قبل (1400 سنة) قد حدث بالامس القريب ، وهذا هو احد الامور المحيرّة في ثورة الحسين (عليه السلام) فالجانب الثوري في الانسان يمكن استنهاضه واستصراخه ، ولكن المشكلة وكل المشكلة في ايقاظ الجانب العاطفي للانسان وخصوصا انسان اليوم الذي انغمس في عالم المادة انغماسا كبيرا ، فاستدرار عواطف مثل هذا الانسان واستدراج دموعه وبكل حرقة من اعقد الامور واصعبها . ومن هنا تثار اشكالية حول بقاء هذه الثورة المباركة حية في نفوس الناس ، الثورة الوحيدة في عالم الانسانية التي استطاعت الصمود كل هذا العمود الزمني الطويل بكل تقلباته وتغيراته ، ومن هنا نستكشف دور ائمة اهل البيت (عليهم السلام) في صنع التاريخ وفي صنع الانسان المؤمن ، وتتجلى عظمة هذا البيت الطاهر اكثر في الوقوف عند قول عقيلة الهاشميين : ((كد كيدك وسعى سعيك وناصب جهدك فوالله لا تمحوا ذكرنا ولا تميت وحينا)) . فهل اعتمدت العقيلة زينب (عليها السلام) على العامل الغيبي فقط في تقييمها لحركة سيد الشهداء ام انها قرأت الانسان وحركة المجتمع الانساني قراءة عجز عنها حتى الرجال ؟ لا شك ان العقيلة (عليها السلام) لم تغفل العنصر والعامل الغيبي في تنبؤها هذا ، ولكن في نفس الوقت لم تغفل الجانب الاخر ، وهو حركة المجتمع وتطوراته ، فهي تعرف وتعلم جيدا ان ثورة الحسين (عليه السلام) لم تأتِ من فراغ ولم تنبع من حب السلطة والرئاسة ، وانما نشأت من عوامل واقعية مغروزة في نفس كل انسان ، ولذا نلاحظ ان الثورة الحسينية استطاعت استقطاب الشارع الانساني بكل اطيافه والوانه وتوجهاته ودياناته . ومن هنا من حقنا ان نقف وقفة عميقة مع احداث كربلاء لاستلهام الدروس والعِبر منها ، للاستفادة منها في حركتنا الاجتماعية والثقافية بمعناها العام . فقد علَّمتنا الثورة الحسينية ما يلي من الدروس :
الدرس الأول : أن نثأر لله وحده ، لا لانتسابات الأرض ، وانتماءاتها ، وعصبياتها ، وصيحاتها ، وجاهلياتها . الدرس الثاني : أن نعطي الدم من أجل أن يبقى الإسلام وحده ، لا أن تبقى نظريات الإنسان ، وحزبياته ، وشعاراته ، فالاسلام فوق الكل . الدرس الثالث : أن ننتصر للدين ، وللمبدأ ، وللعقيدة ، لا للعصبيات ، والقوميات ، والعناوين التي صاغتها ضلالات الإنسان ، وأهواءه . الدرس الرابع : أن نحمل شعار القرآن . الدرس الخامس : أن نرفض الباطل ، والزيف ، والفساد ، والضلال ، وأن نرفض كل ألوان الانحراف الأخلاقي ، والثقافي ، والاجتماعي ، والسياسي . الدرس السادس : أن نكون الصرخة التي تواجه الظلم والظالمين ، وتواجه البغي والباغين ، وتواجه الطغيان والطاغين ، وتواجه الاستكبار والمستكبرين . الدرس السابع : أن نكون المبدئيين الأقوياء الذين لا يساومون ، ولا يتنازلون ، ولا يسترخون ، كقوله تعالى : ( أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ) [ الفتح : 29 ] . ولا تعني المبدئية والصلابة أن لا نعيش المرونة والانفتاح والشفّافية في حواراتنا مع الآخرين . فالإنسان المؤمن في حالات التصدي والمواجهة والصراع يجب أن يكون شديداً وحدِّياً وصارماً في موقفه مع أعداء الإسلام ، وأعداء الحق . نعم ، حينما يحاور الآخرين ، ويدعو ويبلِّغ يجب أن يكون مَرِناً منفتحاً شفّافاً . الدرس الثامن : أن نعيش الصمود والثبات في مواجهة كل التحديات ، التحديات الفكرية ، والثقافية ، والنفسية ، والاجتماعية ، والسياسية ، والإعلامية . الحسينيون الحقيقيون لا يعرفون الانهزام ، والتراجع والتخاذل ، والضعف والخور ، فهم الثابتون الصامدون ، الذين يملكون عُنفُوَان العقيدة ، وصلابة الإيمان ، وإباء المبدأ ، وشموخ الموقف . الدرس التاسع : أن نحمل شعار الجهاد والشهادة ، وأن نكون المجاهدين الصادقين في سبيل الله ، نجاهد بالكلمة ، ونجاهد بالمال ، ونجاهد بالروح .
اعتذر جدا من الاطالة في الحديث واتعابكم ايها الاخوة والاخوات ولكن الحسين (عليه السلام) يستحق منا العطاء والتعب والعذر عند كرام الناس مقبول
| |
|